السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هكذا هم طائفة من الناس..الاستماع للكذابين بلا إنكار هو إقرار للمنكر ورضا عنه، وهو يربي على النفاق والذلة والخضوع.ومن هنا قال تعالى -أكالون للسحت- لأن ملازمة الاستماع إلى الكذب هي أكل السحت.
إن إقرار المنكر منكر، لأن السكوت في معرض الحاجة بيان كما قال الفقهاء في قاعدة شرعية عامة، والحاجة هنا ماسة لبيان الكذب وكشفه، أو على الأقل الانسحاب فمن سكت ولم يبين فهو سمّاع راضٍ موافق.
إن حضور اجتماع يجعل الحاضر في حرج شديد فإما أن يستمع للكذب، وإما أن ينسحب، وإما أن ينكر بقلبه، وإما أن ينكر باللسان، وأين هم هؤلاء الذين ينكرون باللسان0 لو أن كل انسان نفقد وأنكر ونصح لما وجدنا مخالفةً أو منكراً، ولذلك جعل الله تعالى قوام الدين النصيحة كما في الحديث الصحيح 0الدين النصيحة.. وجعل آية الإيمان -وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر- الحق الذي يؤثره كل مؤمن وكل شريف وكل إنسان حر، وهو الذي قامت به السماوات والأرض وهو الذي أنزل به الكتاب وأرسلت به الرسل وصلحت به الدول ولكن النطق به بحاجة إلى جماعة تتواصى بالصبر،
إن الكذب من الكبائر العظيمة في الشريعة والاستماع إليه مناصراً ومصدقاً أكبر منه وأجرم، لأن الذنوب تعظم بآثارها، فإذا كذب الكاذب ولم يستمع له ولم يعبأ به كان كذبه على نفسه فقط، أما إذا وجد من يستمع وينقل وينصر فإن ذنبهم وجرمهم أعظم.
إن الكذاب فرد، لكن الحملة والنقلة والمروجين قد يكونوا أفراداً وقد يكونوا جماعات كثيرة.
وإثم الجماعة كله والمغرر بهم راجع هو بعينه إلى الكذاب وإلى من عاونه على الكذب ويبقى الإثم بعد موتهم يكتب كلما عمل بكذبه وفجوره -سنكتب ما قدموا وآثارهم-، أي ما قدموا في حياتهم وما أبقوا من حملة وأتباع وآثار سيئة بعد موتهم.
وقال تعالى 0وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم.. نعم، جرائمهم الشخصية يحملونها ويحملون جرائم هم مسئولون عنها عملها أتباعهم والسماعون لهم بالكذب وسماها الله أثقالا ليعطي في النفس صورة لرجل كادح حامل أثقالا عظيمة لا يطيقها ثم يفاجأ بإضافة أثقال إضافية، من أين جاءت هذه الأوزار والأثقال
قال تعالى 0ومن أوزار الذين يضلونهم.
نعم، هي أوزار المغرور بهم الذين ضلل عليهم هؤلاء وخادعوهم بالكذب الباطل.
ثم لاحظ الوصف- سماعون للكذب أكالون للسحت- إن هناك ارتباطاً وثيقاً بين كثرة الاستماع للكذب وأكل السحت، لأن قائل الكذب لا يمكن أن يروجه إلا بأتباع وأعوان وأنصار، ولا بد أن تكون له حاشية تصدقه بباطله وتعينه عليه.
لكن لما كان الكذب والكذاب ممقوتاً ممجوجاً.. لما أتت الفطرة تأبى الكذب وترفضه وتأبى مجالسة أهله والاستماع لهم، كان لا بد من ارتباط مصالح بين الكذاب وأعوانه من السماعين له.. ما هي المصالح0 إنه المال، إنها المادة، إنها أسباب الارتزاق الحرام، إنه أكل السحت.
إذاً هناك حفاظ على مصالح مشتركة جامعة وأسباب بقاء تجمع بين هؤلاء الرهط، ومن هنا نفهم الفقه الدقيق في هذا التوصيف العجيب في الآية 0سماعون للكذب أكالون للسحت0 ونستطيع أن نقول جزماً أنه لا يوجد لكذاب أتباع وأعوان إلا أكالون للسحت، إنها المصالح والمنافع المشتركة
ربما يَوَدّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهُم يأكلوا و يتمتعوا و يُلههمُ الأمل فسوف يعلمون
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال0المقسطون عند الله على منابر من نور